د. رغداء زيدان
توعية المجتمع بمعنى الإعاقة وإفهام الناس بأن ذوي الإعاقة الجسدية فئة فاعلة وقادرة على العطاء، يحتاج بداية لإقناع ذوي الإعاقة أنفسهم بهذا، خاصة من أصيب بالإعاقة نتيجة حادث ما، ووجد نفسه بين ليلة وضحاها وقد أضحى معاقاً غير قادر على القيام بما كان يقوم به قبل الإصابة، بالإضافة لما يكتنف هذه الحالة من تصورات مسبقة وأحكام مفروضة، تضغط بثقلها على المعاق وتؤثر تأثيراً سلبياً على نفسيته.
كثير من المعاقين نتيجة الإصابة أو المرض يحتاجون لجلسات نفسية من أجل مساعدتهم على تقبل الوضع الجديد، ومن أجل مساعدتهم على التكيف والعمل بما يستطيعون من أجل استئناف حياتهم، لكن هذه الجلسات لن تجدي نفعاً إذا لم يبادر المعاق لمساعدة نفسه، والاقتناع بأنه اليوم في مرحلة جديدة، وهو قادر على القيام بأشياء كثيرة، وكل ما يحتاجه بعض التدريب وكثير من الإيمان بربه وبما وهبه له من مواهب وقدرات.
كما أن تشجيع المعاق على ممارسة الهوايات المختلفة والتعبير عن مواهبه ومساعدته على توظيفها من أجل الاعتماد على نفسه أمر في غاية الأهمية. وعلى الأهل والمقربين من المعاق مسؤولية كبيرة لتحفيزه، من خلال الاعتماد عليه في بعض الأعمال وإسناد بعض المهام إليه للقيام بها، وعليه هو أن يبذل جهده ويضع في حسبانه أنه قد يفشل، لكن هذا لا يعني النهاية، فكل عمل يحتاج وقتاً لاتقانه والتعود عليه. طريقة التفكير هذه ستعطي المعاق إحساساً بالثقة بالنفس وتُخرجه من عزلته وتساعده على تجاوز تداعيات إعاقته.
عمليات التأهيل الطبي والاجتماعي والنفسي والتعليمي والمهني للمعاق مهمة جداً من أجل تقوية شعوره بالانتماء للمجتمع المحيط، فبعض المعاقين يشعرون بالانتماء إلى مجتمع نوعي وجماعة أقلية هامشية (جماعة المعاقين)، وهو ما ينمي عندهم الشعور بالاغتراب عن مجتمعهم، ويضعف ثقتهم بأنفسهم ويزيد عندهم الإحساس بالتبعية للآخرين والاعتماد عليهم، بينما نجد أن المعاق المؤهل طبياً واجتماعياً ونفسياً وتعليمياً ومهنياً يصبح قادراً على تخطي تلك الصعوبات ويمتلك القدرة للتعامل مع القيود التي تفرضها الإعاقة عليه، وحصول المعاق على هذا التأهيل يحتاج تضافر الجهود من الجميع، كما يحتاج لإرادة المعاق نفسه من أجل التعلم واكتساب مهارات جديدة تساعده في حياته.
فيما يتعلق بصورة الذات لدى الإنسان فإن وجود الإعاقة بلا شك يؤثر سلباً على صورة الذات لدى المعاق، فبعض المعاقين نجدهم لا يحبون صورة أجسامهم وهذا يمثل تهديداً لعاطفة الذات لديهم كما يشرح الخبراء، ولهذا الشعور عواقب وخيمة على المعاق تزيد من إحساسه بالعجز والنقص، وهو ما يستطيع تجاوزه من خلال الدعم الاجتماعي من المحيطين به المقربين منه من جهة، كما يحتاج منه لبذل مزيد من الجهد لتقبل وضعه والتعامل مع كل الظروف من جهة أخرى.
في النهاية يجب التأكيد على ضرورة زيادة الاهتمام برعاية وتأهيل المعاقين سعياً وراء تحريرهم من قيود العزلة والانطواء والغربة التي تفرضها طبيعة الإعاقة. مع ضرورة العمل على مراعاة مبدأ تكافؤ الفرص فلكل فرد الحق في أن يقوم بدور فعال في مجتمعه وفقاً لإمكاناته، ويجب التأكيد على أن المعاق هو أول من يساعد نفسه، وهو الوحيد القادر على استغلال طاقاته وتطويرها بما يصب في مصلحته ومصلحة أمته.